لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
103336 مشاهدة print word pdf
line-top
أدلة فرضية الدعوة إلى الله

...............................................................................


وقد دلت الأدلة على آكدية الدعوة إلى الله وإلى الخير، قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
الخير هو الإسلام كله وشعائره وعلومه كلها من الخير، ومن دعا إليها فإنه يعتبر داعيا إلى الخير وله الأجر المرتب في هذا الحديث وغيره.
جاءت آية أخرى تدل على الدعوة إلى سبيل الله؛ في قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فهاهنا أمر الله تعالى بالدعوة إلى سبيله ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ سبيل الله: دينه وشريعته وأمره ونهيه وهو الإسلام كله وما جاء به، وأدلة ذلك من الكتاب والسنة كله داخل في سبيل الله تعالى، وفي صراطه المستقيم الذي أمر بالتمسك به، والسير على نهجه.
هذا سبيل الله رسمه النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه المشهور: أنه خط خطا مستقيما وخط عن يمينه وعن يساره خطوطا وقال للخط المستقيم: هذا سبيل الله يعني الذي أمر بالسير عليه وهذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه فقوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ يعني إلى هذا الصراط السوي الذي من سار عليه نجا، ومن انحرف عنه ضل.
فالدعوة إليه إيضاحه وبيانه للناس وبيان فوائده، والحث على التمسك به، وعلى العمل بتعاليمه، وعلى الاجتهاد في تحقيق الأدلة التي تدل عليه، والحكم والمصالح التي تترتب عليه.
كذلك جاءت بلفظ الدعوة إلى الله في قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا دعا إلى الله؛ أي إلى دينه وإلى شرعه وإلى عبادته وتوحيده الذي أمر به في قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ دعا الناس إلى عبادة ربهم، إذا كان كذلك فإنه من أحسن الطرق طريقه وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ أي دعا الناس إلى الله تعالى: وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وهكذا قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ يعني إلى هدى الله وشريعته ودينه وأمره ونهيه، أدعو إلى عبادته، وإلى اتباع رسله، من دعا إلى ذلك فقد دعا إلى الله؛ فقوله في هذا الحديث: من دعا إلى هدى يعم من دعا إلى الله، ومن دعا إلى سبيل الله، ومن دعا إلى الخير، فكل ذلك من الهدى.

line-bottom